غزة هادئة لليوم الثالث.. وصدمة ما بعد الحرب تتسع
ساد الهدوء قطاع غزة الثلاثاء، لليوم الثالث من الهدنة، وتواصلت عودة النازحين إلى منازلهم وأحيائهم المدمرة، وكشفت صور الطائرات المسيرة حجم الخراب الذي لحق بمختلف المناطق في القطاع، حيث غطت الأنقاض مساحات شاسعة، تاركة دماراً لا يمكن تجاهله أصاب النازحين بصدمة مضاعفة خصوصاً في شمال القطاع، وتم انتشال عشرات الجثث من تحت الأنقاض. وبينما أكدت «حماس» أنها ستفرج السبت المقبل عن أربع رهائن إسرائيليات، شددت مصر وروسيا على ضرورة الالتزام بوقف إطلاق النار، وقالت قطر إن السلام الدائم في غزة يتوقف على تحلي «حماس» وإسرائيل بحسن النية.
وبدأ كثير من الفلسطينيين الذين أنهكتهم الحرب في قطاع غزة العودة إلى أطلال منازلهم سيراً على الأقدام أو على متن عربات بسيطة، وذلك في اليوم الثالث لوقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس، وقد صدمهم مشهد الدمار الكامل. ولم يتمكن بعض سكان غزة حتى من التعرف على المكان الذي كانوا يعيشون فيه ذات يوم فأداروا ظهورهم للأحياء المدمرة عائدين إلى الخيام التي كانوا يحتمون بها خلال الأشهر الماضية، في حين بدأ آخرون في إزالة الأنقاض في محاولة للعودة إلى ركام منازلهم.
وتقول السلطات الصحية في غزة إن أكثر من 47 ألف شخص قُتلوا في الصراع ومن المحتمل وجود رفات آلاف آخرين تحت الأنقاض. وأعلنت وزارة الصحة في غزة، أمس الثلاثاء، ارتفاع عدد الضحايا الفلسطينيين جرّاء الحرب الإسرائيلية على القطاع منذ السابع من أكتوبر 2023 إلى 47 ألفاً و107 فلسطينيين، بينما زاد عدد المصابين إلى 111 ألفاً و91.
وقالت الوزارة في بيان إنه تم انتشال 68 ضحية من تحت الأنقاض، خلال 24 ساعة بين يومي الاثنين والثلاثاء. وأضافت الوزارة في تقريرها اليومي أنه لا يزال هناك عدد من الضحايا تحت الركام وفي الطرقات لا تستطيع طواقم الإسعاف والدفاع المدني الوصول إليهم.
ويواجه سكان القطاع تحديات ضخمة في محاولة إعادة بناء حياتهم وسط هذه الفوضى المدمرة. وعلن الجيش الإسرائيلي، أمس، أن النازحين من غزة يمكنهم البدء بالعودة إلى المناطق الشمالية من القطاع الأسبوع المقبل، إذا التزمت حركة حماس باتفاق وقف إطلاق النار، دون تحديد اليوم
وحذّر الجيش الإسرائيلي الفلسطينيين من الاقتراب من منطقة معبر رفح ومحور فيلادلفيا في الجنوب وممر نتساريم. ويقسم ممر نتساريم قطاع غزة إلى قسمين، ويمتد من منطقة الحدود بين غزة وإسرائيل عبر الشريط بأكمله الذي يبلغ عرضه حوالي 6.5 كيلومتر (حوالي 4 أميال)، وتم بناؤه من قبل الجيش الإسرائيلي في بداية 2024 ويفصل شمال القطاع عن الجنوب، ويظهر الممر أنه يصل إلى ساحل غزة على البحر الأبيض المتوسط
من جهة أخرى، أجرى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين اتصالاً هاتفياً بالرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، تناول سبل تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين والوضع في الشرق الأوسط، لا سيما غزة
وذكرت الرئاسة المصرية أن السيسي وبوتين تناولا التطورات الإقليمية، خاصة الوضع في قطاع غزة، حيث استعرض السيسي الجهود التي بذلتها مصر منذ أكتوبر 2023 بالاشتراك مع قطر والولايات المتحدة للتوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار في القطاع، بوصفه الركيزة الأساسية لاستعادة التهدئة في المنطقة، فضلاً عن الجهود المصرية الجارية لضمان تنفيذ الاتفاق، وضمان نفاذ المساعدات الإنسانية بالكميات الكافية دون عراقيل. وشدد السيسي على أهمية تضافر الجهود الدولية لضمان تنفيذ الاتفاق وصولاً إلى إطلاق مسار سياسي قائم على حل الدولتين وفقاً لقرارات الشرعية الدولية بوصفه المسار الوحيد لضمان الأمن والاستقرار المستديمين بالمنطقة
من جانبه، أعرب رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري محمد بن عبد الرحمن آل ثاني عن أمله بعودة السلطة الفلسطينية إلى قطاع غزة، وقيام حكومة تعالج المشاكل هناك. وقال إن السلام الدائم في غزة يتوقف على تحلي «حماس» وإسرائيل بحسن النية
وأكد رئيس الوزراء القطري أن اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة يمثل الخطوة الأولى نحو تحقيق الاستقرار في المنطقة، وقال: «نأمل أن يكون هذا الاتفاق بداية لإنهاء النزاع المستمر منذ عقود». وأضاف: «علينا أن نحرص على تطبيق كل خطوة في الاتفاق بنية حسنة، وأن تلتزم جميع أطراف النزاع بكل بنوده
وأشار إلى أن الكارثة التي خلفتها الحرب على قطاع غزة بدأت تظهر بشكل واضح، مؤكداً أنه «لا يمكن لأي دولة أن تملي شيئاً على الفلسطينيين