سكان غزة يعودون لمنازلهم المدمرة بحثاً عن نبض الحياة
هرع آلاف الفلسطينيين إلى الشوارع في أنحاء قطاع غزة، أمس الأحد، مع بدء سريان اتفاق وقف إطلاق النار، بعضهم للاحتفال، والبعض الآخر لزيارة قبور الأقارب، بينما عاد كثيرون لتفقد منازلهم، فيما تنبعث رائحة الموت من كل مكان
ولم ينتظر سكان المناطق التي تمركزت بها القوات الإسرائيلية دخول موعد اتفاق وقف إطلاق النار حيز التنفيذ، فسارعوا لتفقد مناطق سكنهم، إلا أن هول المشاهد كان أكبر من كل التوقعات بعد مسح مربعات سكنية بأكملها، فيما يواجه أكثر من مليوني فلسطيني غالبيتهم نازحون معاناة لا توصف إثر الدمار الهائل الذي خلفته الحرب
واكتظت الطرق في مدن القطاع المدمّر بأعداد كبيرة من العائدين لا سيما في الشمال سيراً على الأقدام أو في عربات تجرها دواب، حاملين أمتعتهم وخيمهم، وفق ما أفاد مراسلون لوكالة الصحافة الفرنسية. وكان بعضهم يرفع شارة النصر، بينما حمل آخرون العلم الفلسطيني
ولم تنتظر رنا محسن (43 عاماً) بدء التهدئة وتوجهت مع زوجها وأطفالهما الأربعة إلى منزلهم في مخيم جباليا، وقالت لوكالة الصحافة الفرنسية «فرحتي لا توصف، نحن في منزلنا أخيراً. صحيح أنه مجرد ركام لكنه منزلنا، نحن محظوظون لأن جزءاً من السقف لا يزال صامداً
وبدت مدن ومخيمات القطاع أكوام ركام، فيما أغلقت معظم الشوارع بحجارة المباني المدمرة مع حفر كبيرة توسطت العديد من الطرقات
وتضيف رنا محسن بشيء من الحماسة «جهزنا أغراضنا منذ الليل وخرجنا في الصباح. ننتظر هذه اللحظة» منذ بداية الحرب، لكنها تتدارك «الطريق كان مرعباً، حجم الدمار لا يمكن تخيله، مبانٍ ومعالم اختفت تماماً، كأنها مدينة أشباح أو مدن مهجورة
وتتابع «مشاعرنا مختلطة بين الفرح بالنجاة والحزن والقهر على كل ما فقدناه وعشناه. كل شيء بسيط يعيدنا للحياة سيكون له طعم، اشتقنا للحياة الطبيعية
وفي منطقة المواصي في خان يونس (جنوب)، قال محمد الربايعة النازح من رفح «الحرب دمرت مستقبلنا وحياتنا، البيوت أصبحت كومة ركام»، مضيفاً «سنأخذ الخيمة معنا للعودة لموقع بيتنا في رفح وسنعيش فيها حتى إعادة بنائه
وعبّر محمد عبد المجيد النازح في دير البلح (وسط) عن «شعور مختلط»، وقال إنه يشعر «بفرح لأن الحرب انتهت جزئياً وتوقف شلال الدم، وبحزن على الأعداد الكبيرة من الضحايا والمآسي المتكررة التي تحتاج إلى سنوات حتى نتعافى منها
واتّجه بعض الفلسطينيين نحو المقابر في غزة لزيارة قبور الأقارب المقتولين وهرع آخرون نحو الأحياء المدمرة في محاولة للعثور على أقارب لا تزال جثثهم تحت الأنقاض
وأظهرت لقطات بطائرة مسيّرة مئات من سكان غزة وهم يتجولون على طول طرق ترابية بينما تحيط بهم أميال من الكتل السكنية التي تحولت إلى أكوام من الخرسانة المحطمة والمعادن والأنقاض
ودمر العدوان الإسرائيلي البنية التحتية للقطاع وأدى إلى نزوح جميع السكان تقريباً الذين كان عددهم يقترب من 2.3 مليون نسمة قبل الهجوم
وفي مدينة رفح جنوب القطاع قال أحمد البلعاوي (29 عاماً) «نشعر كأننا في يوم عيد، انتظرنا هذه اللحظة طويلاً، نحن بحاجة لكثير من الراحة والطعام والوقت لاستيعاب ما مررنا به»، لكنه يتابع بحسرة «ما إن عدت إلى المدينة حتى شعرت بصدمة، لا أعرف هل نفرح بالعودة لرفح أم نحزن على ما حلّ بها. جثث متحللة، ركام ودمار في كل مكان، مناطق كاملة مسحت تماماً لكن رغم كل هذا، سنعيد بناءها وسنبدأ من جديد