العثور على مواطن لبناني في سوريا.. ظل معتقلا طيلة 40 عاما
كتب – فريق التحرير
كشف سقوط نظام بشار الأسد في سوريا العديد من القصص والمآسي الإنسانية
وتمّ التعرّف على المواطن اللّبنانيّ، كلود حنا ليشع الخوري، ابن بلدة دير الاحمر، في أحد مستشفيات سوريا، بعدما كان معتقلاً في سجون النظام السوريّ منذ ما يقارب الـ40 عاماً
وتظهر من الصورة وحشية التعذيب الذي مارسه النظام السوري الوحشي بحق هذا السجين الذي كان عسكريا في الجيش اللبناني في أواخر السبعينيات
وفي السياق، عاد سجن صيدنايا الذي اشتهر بعمليات التعذيب والوحشية خلال سنوات حكم النظام السوري المنهار إلى الواجهة مع تمكن الفصائل المسلحة، صباح الأحد، من دخوله وتحرير المساجين بداخله
ونشرت “العربية” و”الحدث” مقاطع فيديو لتحرير الرهائن، بينهم نساء وأطفال ربما ولدوا في السجن ولم يروا النور سابقا
وكان أحد السوريين قال في مقطع مصور إن السجن يحتوي على قسم أبيض للجرائم العادية وقسم أحمر في الطوابق السفلية ولأبوابها رموز وشيفرات يعلم بها فقط الضباط الذين فروا. وناشد الدفاع المدني للمساعدة في فتح الأبواب وتحرير من بداخلها
قبل سنتين، ضجت وسائل الإعلام العربية والعالمية بخبر انكشاف أمر تحنيط جثث المعتقلين بالملح في سجن “صيدنايا” سيئ الذكر. وصدر حينها تقرير عن رابطة معتقلي ومفقودي المعتقل (ADMSP)، كشف الستار عن الهرمية العسكرية وتسلسل القيادة والأوامر وتوزع المسؤوليات داخل أحد أكثر الأماكن سرية في البلاد
جرائم إبادة وجرائم ضد الإنسانية
وتضمن التقرير تفاصيل التسلسل القيادي في السجن لأول مرة، كما دل على المسؤولين عن ارتكاب عمليات التعذيب والقتل الواسعة والممنهجة للمعتقلين هناك، والتي ترقى إلى جرائم إبادة وجرائم ضد الإنسانية
كما وصف التقرير مخطط السجن ودفاعاته وهيكله الإداري بالتفصيل، وأيضاً علاقته مع باقي أجهزة ومؤسسات الدولة
كذلك أوضح كيف تم تحصينه عمداً لصد الهجمات الخارجية المحتملة وقمع المعتقلين داخله
وأورد التقرير تفاصيل مروّعة حول المعاملة القاسية للمعتقلين في السجن، حيث قضى أكثر من 30 ألف معتقل إما إعداماً، أو نتيجة التعذيب، أو نقص الرعاية الطبية أو الجوع بين عامي 2011 و2018 في سجن صيدنايا
أما غرف الملح التي فضح أمرها سابقاً، فقد تطرق إليها التقرير بأنها كانت بمثابة مكان لحفظ جثث الضحايا ريثما يتم نقلها إلى مشفى تشرين العسكري
ويُعتقد أن النظام السوري أعدم ما لا يقل عن 500 معتقل إضافي بين عامي 2018 و2021، وفقًا لشهادات ناجين وثقتهم الرابطة
الثقب الأسود
وكان دياب سريّة، المؤسس المشارك في الرابطة والمعتقل السابق في سجن صيدنايا، أفاد حينها بأن النظام السوري أراد أن يكون هذا المكان (سجن صيدنايا)، ثقبا أسود يبتلع كل من يقترب إليه
وأضاف أن السلطات حاولت منع خروج أي معلومات منه مع إفلات تام من العقاب وعدم وجود عدالة تلوح في الأفق على من ارتكب الجرائم فيه
كما لفت إلى أن هدف البحث الجديد يكمن بالقول إن السجن عبارة عن معسكر موت فيه تسلسل واضح للقيادة والأوامر والأعمال الداخلية
وأكد أنه على مدى سنوات وقعت جرائم مروّعة، بما في ذلك الاختفاء القسري والتعذيب المنهجي والقتل داخل ذلك السجن الذي بات رمزًا لواحدة من أكثر الفترات الدموية في تاريخ البلاد
معسكر الموت
وكشف التقرير كيف تتم حماية السجن المسمى بـ”معسكر الموت”، على 3 مستويات أمنية مع مئات الحراس المتمركزين في مواقع مختلفة
أولها، عبر الجدران الخارجية، حيث يحميها موظفو سجن الشرطة العسكرية المعروفون باسم الشركة الخارجية والفرقة الثالثة لقوات النظام السوري، وهم خط الدفاع الأول للحماية من التهديدات الخارجية ومنع الهرب من السجون، ويقوم حوالي 40-50 فردا من اللواء 21 التابع للفرقة الثالثة بتأمين محيط السجن بين الجدران الداخلية والخارجية، وتتولى وحدات منفصلة مسؤولية تأمين الجزء الداخلي من السجن وكذلك مراقبة وتأديب المحتجزين
ويقع المعتقل على قمة تلة في منطقة جبلية شمال دمشق تبلغ مساحتها الإجمالية حوالي 1.4 كيلومتر مربع – أي ما يعادل 184 ملعبًا لكرة القدم، وهي مساحة أكبر بـ8 مرات من المساحة الإجمالية لجميع ملاعب كرة القدم ذات الحجم القياسي الدولي في سوريا
تأسس في ثمانينيات القرن الماضي، وأطلقت عليه “منظمة العفو الدولية” قبل سنوات وصف “المسلخ البشري”، والسجن الذي “تذبح فيه الدولة السورية شعبها بهدوء
يشار إلى أن جميع الروايات عن سجن صيدنايا تستند إلى شهادات معتقلين سابقين محظوظين بما يكفي للنجاة من هناك
حكايات رعب لا تنتهي
وتقدّر الرابطة أن 30 ألف شخص دخلوا إلى سجن صيدنايا منذ اندلاع النزاع في العام 2011، وقد أفرج عن 6 آلاف منهم فقط، فيما اعتبر معظم الباقين في حكم المفقودين، خصوصا أنه نادراً ما يُبلّغ الأهالي بوفاة أبنائهم، وإن تمكنوا من الحصول على شهادات وفاة لهم، فإنهم لا يتسلمون جثثهم