مفارقة لافتة.. هاريس أم ترامب الأكثر قدرة على إنهاء حربي غزة وأوكرانيا؟
كتب – فريق التحرير
تتباين بشكل واضح مواقف كل من المرشحين للرئاسة الأمريكية دونالد ترامب وكامالا هاريس بشأن الصراعات المتأججة في الشرق الأوسط، أو الحرب الطاحنة بين روسيا أوكرانيا، لكن يظل السؤال قائماً أيهما أكثر قدرة على إنهاء هذه الصراعات التي تهدد باندلاع حرب عالمية تتورط فيها قوى نووية، هل هو الرئيس السابق المخضرم أم نائبة الرئيس التي ستتصدر المشهد للمرة الأولى؟
خلال المناظرة الرئاسية، بين ترامب وهاريس لم تأخذ الحرب في غزة سوى القليل جداً من الوقت، ونوعاً ما الحرب الروسية الأوكرانية، وذلك بالنظر إلى أولويات الناخب الأمريكي، والتي يأتي في مقدمتها ملفات الاقتصاد والهجرة والإجهاض، لكن كان من اللافت أن كلاهما استخدم وجهة نظر الآخر نفسها ولكن في القضية الأخرى، بمعني أن هاريس حاولت تقديم حل لحرب غزة بنفس طريقة حل ترامب للحرب الروسية الأوكرانية والعكس
حلول تبادلية
ويقول الكاتب جيسون ويليك في مقال بصحيفة واشنطن بوست إن سياسة هاريس تجاه الحرب بين إسرائيل وحماس تمثلت في الضغط على الطرفين للتوصل إلى تسوية في أسرع وقت ممكن، وهي نفسها حرفياً استراتيجية ترامب تجاه الحرب بين روسيا وأوكرانيا
ويضيف ويليك أن نظرة هاريس بالنسبة للصراع في الشرق الأوسط، هي نفسها نظرة ترامب بالنسبة للصراع في أوروبا، إذ عبر كل منهما عن الاستعداد للضغط من أجل التوصل إلى صفقات مع الجهات الفاعلة، وهو ما يظهر رغبة الحزبين في خفض النفقات في السياسة الخارجية، حتى وإن تباينت الدوافع بينهما.
ويقول ترامب إنه سيوقف الحرب في أوكرانيا قبل حتى أن يتولى الرئاسة، من خلال الضغط على كل من الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي والرئيس الروسي فلاديمير بوتين، مستخدماً على ما يبدو تدفق الأسلحة الأمريكية كوسيلة ضغط. وأوضح «سأقول لزيلينسكي: لا أكثر.. عليك أن تعقد اتفاقاً»، مضيفاً: «سأقول لبوتين: إذا لم تعقد اتفاقاً، فسنمنحه الكثير
ورغم ردود الفعل السلبية من إدارة بايدن تجاه تصريحات ترامب، لكنها لا تختلف كثيراً عن نهج هاريس تجاه إسرائيل وحماس، اللتين – على عكس روسيا وأوكرانيا – تتفاوضان بالفعل تحت إشراف الولايات المتحدة أثناء قتالهما.
وبطبيعة الحال، قد تكون إدارة هاريس أكثر صرامة مع إسرائيل من الإدارة الحالية، كما أشار أشخاص مقربون من هاريس. وهو بالضبط ما قد يحاول ترامب اتّباعه لجلب أوكرانيا إلى طاولة المفاوضات، وقد يفشل، تماماً كما فشلت إدارة بايدن-هاريس في التوصل إلى وقف لإطلاق النار في غزة.
ويؤكد ويليك أنه قد ولت الأيام التي كان فيها في الولايات المتحدة حزبي«الصقور والحمائم». وبدلاً من ذلك، نرى في ترامب وهاريس انتقائية حزبية حول الأماكن التي يمكن فيها الضغط على الأطراف المتحاربة من أجل التوصل إلى تسوية معها، استناداً إلى التعاطف السياسي المتزايد الاستقطاب.
سنة أولى رئاسة
ووفق بعض المراقبين، فإن التاريخ الأمريكي الحديث يؤكد أن الرؤساء الذين يقضون ولايتهم الأولى يظهرون بشكل ضعيف في التعامل مع الملفات الخارجية، ففي فترة الولاية الأولى لبيل كلينتون، وقعت حادثتان صنفتا على أنهما «إبادة جماعية»، واحدة في البوسنة وأخرى في رواندا، إلى جانب الهزيمة الأمريكية في الصومال، وهو ما يؤشر إلى أن كلينتون الذي شغل منصب حاكم أركنساس قبل الرئاسة كان لا يتمتع بخبرة كبيرة في السياسة الخارجية
ثم جاء جورج دبليو بوش الذي كان حاكماً لولاية تكساس لمدة خمس سنوات، وفي بداية فترته الرئاسية الأولى وقعت أحداث 11 سبتمبر. ومن اللافت أنه رداً على ذلك اتخذ قراراً مثيراً للجدل بشن حرب مدمرة على العراق، والتي أصبحت واحدة من أكثر قرارات السياسة الخارجية الأمريكية انتقاداً في العصر الحديث
ورغم أن هاريس اكتسبت خبرة نوعاً ما بعملها كنائبة للرئيس جو بايدن، لكن الإدارة الحالية لم تستطع إنهاء الصراع أو حتى إقرار هدنة طويلة الأمد رغم الجهود الدبلوماسية والتفاوضية المستمرة منذ أشهر، ويرجح محللون أن هاريس في حال فوزها ستتعثر في ملف السياسة الخارجية خلال سنتها الأولى. ففضلاً عن كونها ستكون في حاجة إلى وقت حتى تلملم شكل إدارتها وموظفيها، فقد صعدت ضمن إدارة تعاملت بشكل باهت مع الصراع
حلول ترامب السابقة
أما ترامب فكثيراً ما أعلن تأييد حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها، بل وعلى طريقته في التصريحات الضخمة التخويفية، قال إنه في حال فوز منافسته، ستنتهي إسرائيل خلال عامين، دون أن يقدم أي دليل عقلاني على ذلك
وبالنظر إلى مواقفه بعد هجوم السابع من أكتوبر، فبينما كان ينتقد في البداية نتنياهو والمخابرات الإسرائيلية، ووصفهم بأنهم كانوا غير مستعدين للهجوم فقد تراجع بسرعة عن تلك التصريحات وقال إنه يقف إلى جانب نتنياهو، الذي كان متحالفاً معه بشكل وثيق خلال فترة رئاسته، لكن أصبحت العلاقات بينهما أقل ودية منذ خسارته للانتخابات الرئاسية السابقة لصالح بايدن
وخلال فترة رئاسته أصدر ترامب اقتراحاً للسلام وصفه بأنه مخطط لحل الدولتين، لكنه لم يكن ليؤدي إلى إنشاء دولة فلسطينية تتمتع بالحكم الذاتي بالكامل، وكان يُنظر إليه على أنه لصالح إسرائيل بقوة
وفي ظل فشل الجهود الأمريكية في وقف الحرب حتى الآن، فإن بعض المراقبين يرون أن الرغبة الصادقة من أطراف النزاع هي مفتاح الحل، وكثيراً ما يتداول القائمون على السياسة الخارجية الأمريكية تعبيراً قاله يوماً ما جورج ومفاده: «لا يمكننا أن نريد السلام أكثر من الأطراف نفسها