المكالمة الهاتفية التي غيرت شكل الحياة على الأرض
كتب – فريق التحرير
جرت في 3 مارس عام 1973 مكالمة هاتفية فريدة، كانت بمثابة انطلاقة لتطور تكنولوجي غير وجه العالم وجعل الحياة بعدها تبدو مختلفة عما قبلها
في ذلك اليوم قبل 51 عاما، أجرى المهندس الأمريكي مارتن كوبر، رئيس قسم الاتصالات الهاتفية الخاصة بالسيارات في شركة موتورولا، بمنافسه جويل إنجل، رئيس قسم الأبحاث في مختبرات شركات “بيل”، وقال له: مرحبا، أنت جويل؟ خمن من أين اتصل…؟ أنا أتصل بك من هاتف محمول حقيقي! والآن أنا أعبر الطريق في الجادة السادسة
كان ذلك الاتصال بمثابة بداية لعصر جديد في مجال التواصل بين البشر. مارتن كوبر سرد انطباعاته لاحقا عن ردة فعل منافسه قائلا: ” لا أتذكر ما قاله في ذلك الوقت، لكن، اعتقدت أنني سمعت صرير أسنانه
هذا المهندس استعمل حينها هاتفا محمولا من طراز “ديناتاك”، بلغ وزنه 1.15 كغم، وكان يتركب من ألفي جزء، وكان شحن بطاريته يكفي لمدة 20 دقيقة من المحادثة. تطوير شركة موتورولا لأول طراز للهواتف النقالة استغرق 10 سنوات، وكلّفها 90 مليون دولار أمريكي
في أوائل السبعينيات ظهرت هواتف راديو خاصة بالسيارات تراوح وزنها بين 12 إلى 14 كيلو غرام، وكانت تزود بالطاقة من شبكة بالسيارة. تبعا لذلك أدرك مارتن كوبر أن بإمكانه تطوير هاتف خلوي صغير نسبيا
روى هذا المهندس الأمريكي أن اصعب ما واجهه هو إقناع لجنة الاتصالات الفيدرالية بأن الشركات الخاصة ستحتاج إلى ترددات مجانية لربط الاتصالات الخلوية
في ذلك اليوم المشهود 3 أبريل 1973، أجريت الاختبارات الأولى على سطح مبنى تحالف كابيتال المكون من 50 طابقا في نيويورك، حيث تم تركيب المحطة الأساسية. النموذج الأول للمحطة كان يستطيع ربط أكثر من 30 مشتركا فقط بالخطوط الأرضية
ذلك النموذج الأول للهاتف النقال لم يدخل الإنتاج. تم طرح أول هاتف خلوي لشركة موتورولا للبيع بطريقة متسلسلة في 6 مارس 1983، وجرى ذلك بحسب مصادر أخرى في 13 أكتوبر من نفس العام. كان وزن الهاتف الخلوي 800 جرام، وبلغ ثمنه ثلاثة آلاف وخمسمئة دولار
رودي كرولوب، أحد مطوري الهاتف، يستذكر تلك الخطوة بقوله: “لقد أعجب العملاء بفرصة التواصل دائما مع هاتف محمول لدرجة أن الآلاف من الأشخاص اصطفوا في قائمة الانتظار لشرائه، على الرغم من تكلفته الكبيرة في ذلك الوقت
سعر التجزئة لأول هاتف محمول كان مساويا لتكلفة هاتف السيارة، فيما كان اقتناؤه بمثابة دليل على مكانتة وقدرته المادية
أصحاب الهاتف الخلوي الأول يصفونه بأنه كان مثل قطعة طوب مغلفة بالبلاستيك، وقد رُكبت على أحد جوانبه لوحة مفاتيح وزودت بهوائي يقف على رأس الهيكل
اللافت أن العينات الأولى لأجهزة الراديو المحمولة كانت ظهرت في الاتحاد السوفياتي في عام 1936، إلا أن استعمالها كان محدودا ولم تكن مخصصة للمجال المدني
لاحقا في خمسينيات القرن الماضي حقق العالم السوفياتي ليونيد كوبريانوفيتش اختراقا في مجال تطوير الاتصالات اللاسلكية، وأجرى تجارب في عام 1957 على جهاز أطلق عليه اسم راديوفون
تحدث هذا المخترع السوفيتي في مجلة “العلوم والحياة” حينها عن إنجازه قائلا: “أينما كنت، يمكن دائما العثور عليك عبر الهاتف، فمن الضروري فقط طلب الرقم المعروف للراديوفون الخاص بك من أي هاتف أرضي (حتى من هاتف عمومي). يرن الهاتف في جيبك وتبدأ المحادثة. إذا لزم الأمر، يمكنك الاتصال بأي رقم هاتف في المدينة مباشرة من الترام أو الحافلة أو الاتصال بسيارة إسعاف أو إطفاء حريق أو سيارات طوارئ أو الاتصال بالمنزل