عازبات إلى الأبد تحت قبعة حمراء
وكالات- أخبار كندا
بين بنايات سنغافورة الزاهية ومظاهر المعجزة الاقتصادية السريعة والفريدة في هذه المنطقة، تبدو نساء “سامسوي” ظاهرة مميزة ساهمت في تاريخ هذا البلد وفي نهضته
تصادف الزائر المنتبه في سنغافورة بين مظاهر الثراء والفنادق المدهشة والبنايات الزاهية، لوحات جدارية رسمت عليها نساء بأغطية رأس حمراء يظهرن وهن يعملن في مهن متنوعة بما في ذلك في مجال البناء، فمن يكن هؤلاء النسوة الغامضات في أعين الغرباء
إنهن مهاجرات صينيات أغلبهن من منطقة “سانشوي” الواقعة حاليا في مقاطعة “قوانغدونغ” بجنوب الصين، والتي تعد لسخرية الأقدار في الوقت الحالي، منطقة غنية ومزدهرة
هؤلاء النسوة هربن من الجوع والفقر المدقع إلى سنغافورة بين عامي 1920 – 1940، وهناك عملن في مجال البناء والأعمال الشاقة الأخرى، وكذلك في المهن التي يتأفف منها السكان الأصليون مثل جمع القمامة. كن يخرجن إلى أعمالهن من الصباح الباكر ويعدن في وقت متأخر
ولأنهن كن يرتدين أغطية رأس بلون أحمر، أطلق عليهن اسم ” هونغ تو جين”، وتعني صاحبات أغطية الرأس الحمراء
كانت أغطية رؤوسهن بمثابة بطاقة العمل، تميزهن وتحمي شعورهن التي كن يغسلنها فقط مرة كل شهر، من الغبار والأوساخ
لون الأغطية الحمراء كان مفيدا أيضا لأنه يلفت الانتباه ويقلل تبعا من ذلك من احتمالات وقوع حوادث في مواقع البناء، علاوة على إمكانية استخدامه كجيب لمأرب كثيرة
كن يرتدين ألبسة بسيطة عبارة عن أردية وبناطيل تقليدية بألوان داكنة لا تظهر عليها الأوساخ بسرعة، وينتعلن أحذية بدائية صنعت من قطع إطارات العجلات المستعملة
كن في سنغافورة أيدي عاملة رخيصة يتقاضين من 50 إلى 60 سنتا في اليوم، ويشتغلن في الأعمال الشاقة مثل البناء وشق الطرق وتمهيد الأرض وحفرها، وعملن أيضا كخادمات
حياتهن الجديدة في ذلك الوقت في سنغافورة فرضت عليهن أوضاعا قاسية، فتخلين عن أحلام الزواج وعن الأمومة، وتفرغن في البداية تماما للعمل فقط من أجل تسديد ديونهن التي وفرتها الوكالة التي استجلبتهن، في حين كانت أجورهن بالكاد تكفي للطعام
عشن في فقر شديد، وإذا ما زاد عليهن قدر يسير من المال كن يرسلونه إلى أسرهن التي تتضور جوعا في الوطن الأم. أسر يعملن بشق الأنفس لإعالتها، وقد لا يرونها مجددا بعد فراقها
نساء ” سامسوي” كن يعملن طيلة النهار من دون توقف إلا لاستراحة غداء قصيرة كن يضطررن خلالها إلى جمع الحطب والطهي
معظم النساء عملن لمدة عام تقريبا لسداد ديونهن فقط، وكن في الغالب يتشاركن في الإقامة في غرف مكتظة على الأسطح، ويأكلن طعاما بسيطا مثل الأرز المسلوق وما يتوفر من خضروات مخللة أو طازجة
قضت هذه النسوة الأميات الفقيرات أعمارهن في الكد من دون انقطاع، وكن مضطرات لحرمان أنفسهن من أبسط الحقوق بما في ذلك أن يكن زوجات وأمهات. ضحين بشبابهن وبأعمارهن بشكل تام ونهائي، من أجل أسرهن في الوطن البعيد