خالد سلامة – هوا تورونتو
بيت الروبي .. فيلم جديد يضاف إلى قائمة الأعمال المميزة أو السهل الممتنع الذي يقدمه المخرج بيتر ميمي والذي يبرع دائما في أن يصحبنا بعدساته وكاميراته إلى قمة الجمال والمشاهد التي تتمنى أن تزورها في مصر .. ثم يغوص بك إلى المياه الساحرة في تلك المناطق .. ليخرجك من غطستك هذه ليلقى بك في قاع آخر آخر من أحضان الزحام المخيف التي سببته نقلة بارعة للكاميرا أو إلى المجتمع البسيط والبسيط جدا الذي يعد المكون الأكبر لقطاع كبير من المواطنين في الأحياء الشعبية .. حيث بيبو ” الجعر” تلك الشخصية التي تكاد أن تكون محورية في في فيلم بيت الروبي
حكاية بيت الروبي .. تبدو في البداية غامضة بعض الشيئ عندما تتنقل الكاميرا بين شخصيات الأسرة الرئيسية في بيت الروبي حيث الأب كريم عبد العزيز ( الدكتور إبراهيم ) وأسرته .. الزوجة الوديعة المتعلمة جدا والإبن الشاب الصغير الذي علمه والده فنون الحياة في الطبيعة حتى أنه يغوص في الأعماق في غمضة عين ليخرج ممسكا بسمكة تكفي عشاء الأسرة كلها على الشواية في المساء ثم الإبنة الصغيرة ” الدبدوبة ” التي تجسد البراءة والطبيعة والحياة الوادعة ” النقية ” التي يمثلها منزل ” وليس بيت ” الروبي في البقعة الرائعة المطلة على البحر في واحدة من أرقى مناطق البحر الأحمر وربما تكون منطقة ذهب
كانت الحياة تسير كما يريدها الدكتور إبراهيم .. الصيد في الصباح وقضاء الحاجات من سوق المدينة الوادعة حيث الكل يعرفه باسمه ويناديه باسم الدكتور إبراهيم .. بينما تدير الزوجة مملكتها الوادعة براحة وربما ” استسلام ” للأيام
كل ذلك يتغير في اللحظة التي نسمع فيها في الفيلم ” كلاكس” سيارة رينجلر رباعية صفراء بها شخصين شاب وزوجته يتضح أنهما شقيق الدكتور إبراهيم وزوجته الحامل في ستة أشهر .. شقيق الدكتور إبراهيم على النقيض .. لم يكمل تعليمه لكنه يتقن مهنة الحلاقة والكوافير ” رجالي وحريمي” وعاد للاستقرار مرة أخرى في مصر بعد أن تم ترحيله من احدى دول ” الخارج” بسبب رعونته ليس إلا وبعد عودته لم يستسلم بل استغل ” دكان” والده ضمن ” الورث” ليفتح محلا مميزا للحلاقة والكوافور لكن ما ينقص المحل الذي يعمل بالفعل وله زبائن هو الحصول على رخصة كاملة باسمه لأن المحل ضمن ميراثه هو وأخيه وابن عمه ” بيبو الجعر” الذي يبدو من السرد أنه شخصية أقل من ضحلة وانتهازي وشاهد زور أحيانا ولكن ” الجعر” يلعب دورا محوريا للغاية حياة الشقيقين الدكتور والكوافير
في الفيلم يتضح سبب زيارة الأخر الكوافير” لشقيقة الدكتور حيث يتعين على الأخير أن يذهب للقاهرة الصاخبة ليوقع على الأوراق في الشهر العقاري ويتفق الشقيقان على أن المهمة تحتاج ثلاثة أيام فقط يغيب فيها الدكتور إبراهيم عن ” جنته ” على البحر ويعود مجدا لكن الزوجة الوادعة تقنع زوجها ” بصعوبة ” أن تذهب معها في الأيام الثلاثة إلى ” غابة القاهرة ” بالرغم من قلق الزوج الدكتور من عودتهم إلى القاهرة حيث يتضح أن قرار تأسيسهم الحياة الوادعة النقية في سيناء جاء كوسيلة للهرب من المجتمع القاسي في القاهرة و الذي حكم عليهما حكما يوازي ” الإعدام ” المعنوي بعد أن كانا يشغلان مراكز مرموقة .. هي كطبيبة ماهرة لأمراض النساء والتوليد .. وهو كدكتور مدرس متخصص في العلوم الزراعية بكلية الزراعة
لن أخوض في القضية التي هربوا منها ” أتركها لكم لتشاهدوا الفيلم ” لكن الحكاية الرئيسية في الفيلم تقول إن وسائل التواصل الاجتماعي التي ” أستغفر الله .. استغفر الله وحاشا لله ” تحيي وتميت ” هذه الأيام ” جعلت من حياتنا رهنا بأشياء كثيرة تقضى على كل المعايير وتؤسس لمعايير مختلفة تماما هي ببساطة الحكم المسبق .. والحكم بجهل .. والحكم بدون أسباب.. والانسياق وراء أشخاص كل مصلحتهم أن يحققوا أرباحا على حساب كل شيئ .. الآلام .. والأحزان .. الحقيقة .. الجهل .. الغش .. الخداع .. دمار الناس .. وتدمير حياتهم .. وهدم كل شيئ .. حتى أن وسائل التواصل أصبحت صناعة ليس لها أية أصول واستثمارات .. وتعمل بدون معايير وأخلاق . . لكن الجميع يجلسون أمامها كالمغيبين
حكايات . . منها المضحك .. والمبكي .. والساخر .. يقدمها فيلم بيت الروبي .. الذي يمكن أن يكون بيت كل واحد منا في هذا الحياة بغض النظر عن مكانه الذي يعيش فيه .. في مصر أو العالم لكن الحقيقة الثابتة أن بيت الروبي .. حقيقة .. بيت الروبي .. كارثة نعيشها جميعا حتى وأنتم تقرأون ربما هذه السطور إن استطعتم أن تصلوا لهذه الفقرة .. فإن وصلتم لتلك الفقرة .. اكتبوا تعليقا واحدا من كلمة واحدة وهي ” نحن بيت الروبي “
تحياتي وتمنياتي لكم بالسلامة .. تابعوا هوا تورونتو .. نحن نحاول تقديم الحقيقة ولانتاجر بآلام الناس
خالد سلامة