وكالات – أخبار كندا
مرت على المجتمعات البشرية عادات وتقاليد مستهجنة وخارجة عن المنطق والفطرة السليمة. من ذلك تقليد حق “الليلة الأولى” الذي ساد في أوروبا في القرون الوسطى
في تلك الفترة الاقطاعية كان النبلاء واللوردات في عدة بلدان يحتفظون لأنفسهم بحق فض البكارة أو ما يعرف بحق الليلة الأولى
تواصل هذا التقليد “الغريب” في أوروبا عدة قرون، ولم يتعرض تقريبا في ذلك الحين إلى احتجاجات ملموسة، وذلك لأن الفلاحين كانوا يخضعون بشكل كامل لسلطة الاقطاعيين
ما هو تقليد “الليلة الأولى”؟
فض البكارة في العصور الوسطى في ليلة الزفاف، كان من حق السادة الاقطاعيين، ملالك الأرض، إذا كان العريس والعروس بنتميان إلى طبقة الفلاحين
كان من الممكن كقاعدة عامة، تجنب مثل هذا الإجراء المثير للاشمئزاز، وهذا العمل المخزي فقط في خلال دفع نوع من “التعويض”. اختلف حجم وشكل هذه الضريبة التي يفرضها الاقطاعي “رب العمل” من الفلاحين المتزوجين اعتمادا على البلد وكذلك “مزاج” السادة في تلك الفترة التاريخية
في أوقات تاريخية لاحقة، تصدى البعض من ممثلي السلطات ورجال الدين، مرتكزين على وجهات نظر خاصة، لهذه العادة وبذلوا جهودا للقضاء عليها
على سبيل المثال، أصدر فرديناند الثاني، ملك إسبانيا في عام 1486، مرسوما يحظر على اللوردات النبلاء استغلال بنات وأبناء الفلاحين ضد إرادتهم “بمقابل أو من دونه”، وسرى ذلك أيضا على “مضاجعة” عرائسهم ليلة الزفاف
في فرنسا لم يقم أحد بتقييد أرستقراطية هذا البلد، فقد تم استخدام حق الليلة الأولى بشكل علني من دون أي تحفظات، حتى أن رجال الدين الكاثوليك، الذين غالبا ما يمتلكون قطعا كبيرة من الأرض، كانوا شاركوا في هذا العمل البغيض، ولم يفكروا مطلقا في خلاص أرواحهم بتجنبه
الأدهى أن بعض النبلاء استغلوا هذه العادة الغريبة وحولوها إلى نشاط تجاري، حيث عرضوا على الآخرين استخدام حقهم في فض بكارة الفتيات مقابل مبالغ مالية
من أجل تجنب دفع ضريبة
على الرغم من الإذلال والإهانة في هذه العادة، إلا معظم سكان بلدان أوروبا الغربية في تلك الحقبة كانوا راضين لها تماما. أحد الأسباب التي دفعت ممثلي الطبقات الدنيا، يضعون عرائسهم تحت رحمة اللوردات الإقطاعيين في “الليلة الأولى” يتمثل في عدم الرغبة في دفع الضريبة في حال امتناعهم، وتتمثل في مبلغ من المال أو شراء خاصرة خنزير أو زق من النبيذ
الفلاحون في العصور الوسطى الاقطاعية كانوا يعيشون في فقر مدقع، وكانوا يعيشون على الكفاف، وتذكر وثيقة تاريخية صادرة في نهاية القرن الرابع عشر، على سبيل المثال أن الفلاح في حال الزواج من فتاة تنتمي إلى نبيل آخر، يلتزم بدفع فدية لسيده، فيما يمكن تجنب الغرامة إذا دفع الفلاح عروسه إلى “شراء السكر”، وذلك يعني أن تستلقي تحت السيد
التخصص في فض البكارة
راجت هذه العادة علاوة على ذلك، بسبب قلة خبرة البعض من الرجال في تلك العصور “المظلمة” في أوروبا وتخوفهم من “الليلة الأولى”، وكذلك رهبة رجال الدين وعدم استعدادهم لمثل “هذا العمل”!، كل ذلك وفر أرضية مناسبة لاستمرار هذا التقليد بواسطة “خبراء” من النبلاء الاقطاعيين
هذا التقليد تحول في إحدى المناسبات إلى قانون، حدث ذلك حين تبني مجلس مدينة أميان الفرنسية في عام 1507 قانونا جديدا: لا يحق للزوج مشاركة السرير مع زوجته في ليلة زفافهما دون إذن من سيده، قبل أن يتفضل سيده بنفسه بتقاسم السرير مع زوجة تابعه
في تفسير مثل هذا السلوك المستهجن، يقول ألبرتو غوميز، وهو باحث في العصور الوسطى إن “الأمر كله يتعلق بالخرافات التي كانت موجودة في ذلك الوقت بين عامة الناس. في العصور القديمة، عندما ازدهرت الطوائف الشامانية في أوروبا، تم وضع تنفيذ فض البكارة حصريا على كاهل “المتخصصين”. كان يعتقد أن الساحر فقط هو الذي يمكن أن ينزع عن الفتاة “عفافها” من دون “آثار جانبية” مثل غضب الأرواح والآلهة
في تلك العصور، كان النبلاء الاقطاعيون يفضون عذرية المئات من الفتيات في العام. وإذا لم يكن في استطاعة أحد كبار السن تنفيذ “هذه المهمة” بالشكل الصحيح، تولاها أحد أبنائه أو أقاربه الأصغر سنا
أسطورة حول الرجل الأول
علاوة على كل ذلك، كان يوجد اعتقاد وثني في العديد من البلدان الأوروبية بأن الرجل الأول مهم جدا في حياة أي امرأة، وكان يُتوهم بأن “الرجل الأول” يترك لدى المرأة طاقته، ويؤثر على جميع أطفالها المستقبليين، الذين سيرثون صفاته، بغض النظر عما إذا كان هذا الرجل هو والدهم البيولوجي أم لا