هل هناك حرب باردة بين أميركا والصين؟
وكالات – أخبار كندا
عندما قال كيفن رود، رئيس الوزراء الأسترالي السابق والخبير في الشأن الصيني، لمجلة إخبارية ألمانية مؤخرًا أن الحرب الباردة بين بكين وواشنطن “محتملة وليست ممكنة فقط”، فجرت تصريحاته جدلا أنحاء البيت الأبيض حيث حاول المسؤولون إخماد هذه المقاربات. لكن المسؤولين يقرّون بأن الصين تبرز كخصم استراتيجي أوسع بكثير مما كان عليه الاتحاد السوفيتي كتهديد تكنولوجي وتهديد عسكري ومنافس اقتصادي، وفقا لتحليل لصحيفة “نيويورك تايمز الأميركية
وبينما أصر الرئيس جو بايدن في الأمم المتحدة الشهر الماضي على القول “لا نسعى إلى حرب باردة جديدة أو عالم منقسم إلى كتل جامدة”، فإن إشاراته المتكررة هذا العام إلى صراع الأجيال بين “الاستبداد والديمقراطية” استحضر لبعض الإيديولوجيين شعارات الحرب الباردة
وبحسب “نيويورك تايمز”، فإن التوترات المتصاعدة حول الاستراتيجية الاقتصادية، والمنافسة التكنولوجية والمناورات العسكرية تحت سطح البحر وفي الفضاء وفي الفضاء الإلكتروني تخفي تحتها شعار الحرب الباردة
وفي الأسابيع القليلة الماضية، ترددت أصداءً لسلوك الحرب الباردة على الطراز القديم: فقد نفذت القوات الجوية الصينية طلعات جوية داخل منطقة حظر الطائرات في تايوان، وقامت بكين بتوسيع برنامجها الفضائي وإطلاق ثلاثة رواد فضاء آخرين إلى محطتها الفضائية وتسريع اختباراتها للصواريخ الأسرع من الصوت التي تهدف إلى هزيمة الدفاعات الصاروخية الأميركية؛ والإفراج عن مسؤول تنفيذي كبير في شركة هاواوي في كندا في عملية تبادل للسجناء
وفي الوقت نفسه، أعلنت الولايات المتحدة أنها ستزود أستراليا بتكنولوجيا الغواصات النووية وهذا يعني احتمال ظهور غواصات دون اكتشافها على طول الساحل الصيني. ولم يفلت المعلقون الصينيون من أن آخر مرة شاركت فيها الولايات المتحدة هذا النوع من التكنولوجيا كانت في عام 1958، عندما اعتمدت بريطانيا المفاعلات كجزء من الجهود لمواجهة ترسانات روسيا النووية المتزايدة
وقبيل الإعلان عن صفقة أستراليا، كشفت صور الأقمار الصناعية عن حقول صواريخ نووية صينية جديدة لم توضح بكين وجودها. وبات المحللون الأميركيون غير متأكدين من نوايا الحكومة الصينية، لكن البعض داخل وكالات الاستخبارات الأميركية والبنتاغون يتساءلون عما إذا كان الرئيس شي جين بينغ قد قرر التخلي عن ستة عقود من استراتيجية “الحد الأدنى من الردع” الصينية
وكانت الخلفية المستمرة للنزاع الإلكتروني وسرقة التكنولوجيا أحد العوامل وراء إعلان وكالة الاستخبارات المركزية هذا الشهر أنها أنشأت مركزًا جديدًا لمتابعة ملف الصين على حد تعبير مديرها، ويليام بيرنز، عندما قال إن الصين أهم تهديد جيوسياسي نواجهه في القرن الحادي والعشرين، وهي حكومة صينية معادية بشكل متزايد
لكل هذا يقول كبار مساعدي بايدن إن الحرب الباردة القديمة هي الطريقة الخاطئة لتأطير ما يحدث، وبدلاً من ذلك يجادلون بأنه ينبغي أن يكون من الممكن للقوتين العظميين التقاسم والتعاون بشأن المناخ واحتواء ترسانة كوريا الشمالية وحتى أثناء التنافس على التكنولوجيا والتجارة، أو التنافس على ميزة في بحر الصين الجنوبي وحول تايوان
وبحسب التقرير فإن البيت الأبيض يكره وضع توصيف على هذا النهج متعدد الجهات، وهو ما قد يفسر سبب عدم إلقاء بايدن خطابا يوضح هذا النهج. لكن أفعاله حتى الآن تبدو بشكل متزايد مثل تلك الموجودة في عالم يتسم بالتعايش التنافسي أكثر حدة قليلاً من التعايش السلمي
وقال أحد كبار مستشاري إدارة بايدن في مقابلة، شريطة عدم الكشف عن هويته: “هذا لا يشبه الحرب الباردة، التي كانت في الأساس منافسة عسكرية
وتظهر الروابط العميقة بين الاقتصادين الاعتماد المتبادل على التكنولوجيا والتجارة والبيانات التي تقفز من المحيط الهادئ في أجزاء من الثانية على الشبكات التي تهيمن عليها أميركا والصين التي لم تكن موجودة في الحرب الباردة الأكثر شيوعًا. ولم يرسم جدار برلين خطاً حاداً بين مناطق النفوذ والحرية والسيطرة الاستبدادية فحسب، بل أوقف معظم الاتصالات والتجارة. وفي العام الذي سقط فيه، 1989، صدرت الولايات المتحدة 4.3 مليار دولار من البضائع إلى السوفيت واستوردت 709 ملايين دولار
ويلاحظ مستشار آخر للسيد بايدن أن علم النفس مهم في سياسات القوى العظمى مثل الإحصائيات. وأشار المسؤول إلى أنه سواء أراد البلدان تسمية هذه الحرب الباردة أم لا، فإنهما يتصرفان في كثير من الأحيان كما لو أننا منغمسون بالفعل في واحدة